
ديوانىَ الأوَّل :
حَلُمتُ كَثيراً بأن يَجىءَ هذا اليوم .. يومَ أن تَخرجَ للحياةِ والنُّور .. وانْتَظَرْتُكَ باشْتِياقِ أبٍ خَارج غُرفةِ الوِلادةِ .. يَتَحرُّقُ شَوقاً لِأن يَحملَ بين يديه وَليدَه الأوَّل ..
وَها أنتَ ذا بيَنَ يَدِى ..
قَارِئى الفَاضِل :
خُلاصَةُ عُمرٌ .. هذا الذِى بَينَ يَدَيكَ الآن .. خُلاصُةُ أربَعِ سنواتٍ مِن الشّعرِ والألمِ , قَضَيْتُها ما بَينَ أحاسِيسِى وكَرابِيجِ الحَيَاةِ .. وَمَا بَين نَهرِ الشِّعرِ وبَرَاكينِ الظُّروف ..
أحبَبتُ .. وتَعَذَّبتُ .. وضِعْتُ .. وفارَقْتُ .. والتَقَيْتُ .. ونُفِيتُ .. وتَغَرَّبتُ .. وعَانَيتُ .. , وفى المقابل كَرِهتُ .. وعَشِقتُ .. وعُشِقْتُ .. وفُورِقْتُ .. ووَعَدتُ .. وأَخلَفتُ .. وخُنتُ .. ووَفَّيتُ ..
فَوُلِدَ لى مِن رَحِمِ كُل هَذه الأحداثِ طِفلاً كثيرَ التَنَاقُضاتِ .. فَسَمَّيتُهُ " لِأنّى أُحِبُّكِـ .. "
ومَنْ مِنَّا لَمْ يُحِبُّ .. ومَن مِنَّا لَم يَتَعَرَّضْ لِهَذِهِ الأشِعَّةِ البَنَفْسِجِيَّةِ اللَّاسِعَةِ .. وَمَنْ مِنَّا لَمْ يُبكِهِ فِرَاقَ الحَبيبِ حِيناً .. وَقَسوةِ القَدَرِ أحْيَاناً ..
ومَن مِنَّا لَم يَتَعَهَّد - ألفَ مَرَّة - أمَامَ نَفسِهِ بألَّا يَذُوبَ اشْتِيَاقاً .. وألَّا يَسْمَحَ للحُبّ أن يَتَسَبَّبَ بِحُرقَةِ العَيْنَيْنِ .. واختِنَاقِ الصَّوتِ .. وارتعَاشَةِ الأصَابِع ..
تَعَهَّدَ – أَلْف مَرَّة - بِأن يَدُوسَ عَلَى قَلْبِهِ بِقَدَمَيهِ إذا لَزِمَ الأمرُ .. ثُمَّ نَقَضَ مَعَ النَّفسِ عَهْدَهُ دونَ خَجَلٍ مِنْها أو أَسَفٍ .. فَقَطْ " لِأنَّهُ يُحِبُّ " !..
قَارِئى الفَاضِل :
هَذا هُو دِيوانِىَ الأوُّلُ .. طِفْلاً بَيْنَ كَفَّيْكَ .. فَأسألُكَ بِهِ الرّفْق .. وَأَنْ تَقْرَأهُ بِقَلبِكَ لا بِعَيْنَيْكَ , وَأسْألُكَ أنْ تَتَغَاضَى عَمَّا تَجِدُ فِيهِ مِن زَلَلٍ , فَنِسْبَةٌ مِمَّا فِيهِ كَتَبْتُها وَلَمْ أَزَلْ فى طَوْرِ المُرَاهَقَةِ .. حَيْثُ الإنْدِفَاع سَيّدُ المَبَادِىء , والغَضَبُ أَسْبَقُ مِنَ العَفْوِ .. وَقِلَّةُ الخِبْرَةِ أسَاسْ ..
غازى المصرى
27 سبتـمـر 2010
27 سبتـمـر 2010



